Uncategorized

قصة حليمة السعدية وإرضاعها لمحمد عليه الصلاة والسلام

قصة حليمة السعدية وإرضاعها لمحمد عليه الصلاة والسلام

هي والقمر

أكاد أراها وهي تسير بوهن بجوار زوجها الحنون على الرمال الساخنة يدها في يده ويظلل على جسدها الضئيل بقامته الطويله يتبادلان الركوب على الدابتين فيسيران بجوارها  أحيانا رفقا بهما و صغيرها يتوسد صدرها باكيا بعد أن قرصه الجوع.

كيف ستحتويه وترضعه وحالها كحاله ! من أين ستمطر السحابة وقد هجرها ماء المطر كله الحانية تمتد فأة لتربت على كتفها لتنفض الظنون عن رأسها المتعب يخدرها عطفه وحنانه عليها فتنسى كل شيء وتأنس بجواره.

أي جفاف هذا سنة قاحلة مجدبة أيبست الزرع وأهلكت الضرع البطون جاعت والنفوس تیبست، وها هي علامات اليأس والألم قد كسث وجهها ووجه زوجها.

على دابتين هزيلتين مسنتين لا ترشحان بقطرة من لبن ركبا يطلبان ما يطلب غيرهما، وللكل نفس الهدف ما زال الصغير يبكي فقرصه الجوع موجعة وما زال يحنو عليها ويربت على ظهر صغيره وكتفها.

ضجر منها الرفاق فهما أبطأ من يسير بهاتين الدابتين الهالكتين فشق عليها الأمر نظرات الضجر تأقف النساء حركات الرؤوس وهي تتعجب من الصغير الذي لا يتوقف ليلا ونهارا عن البكاء.

ونظرات التعجب من الرجال لزوجها لماذا يحبها على فقرها! ونظرات الفضول من النساء إليها لماذا تحبه على فقره وبساطة حاله؟ حتى عيناها جقتا فلم تستطع البكاء لكن رؤية زوجها الحبيب يعاونها رطبتهما فأغمضت عينيها للحظات وتصبرت وارتوت.

وصلت أخيرا فهرولت تتنقل بين البيوت عسى أن تسبق رفيقاتها لباب دار أحد أثرياء مكة فتفوز بغلام فترضعه وتسعد أهلها وولدها ويعم الخير لم تجد إلا يتيما زهدت فيه بعد أن همست لزوجها.

ما عسى أن تنفعنا أم صبي لا أب له نفسها وهي تراه وانصرفا ظفرت كل امرأة بصبي فكل منهن تجيد الكلام والعرض والطلب والابتسام وأما هي فالمة و” حليمة “سبقتها خطواتهن وغلبتها محارتهن وبقيت تحتضن رضيعها وترتجف وتتلفت يمينا ويسارا.

تقبض على ثيابه وهي حائرة تتساءل في تراقبهن لماذا لست مثلهن أوشكا على الرحيل فانت التفاتة من زوجها الذي كانت تسير بحياء خلفه وهي تشد ثيابها متستره بها والذي اوجهها بمقلتيه وقال بصوت رحيم “لا بأس عليك، خذيه فعسى أن يجعل الله فيه خيرا” نعم.

يتيم لا أب له ولكن ما ذنبه ؟ وهل الرزق من جده أم من ربه ؟ وهل الحب والرحمة صارا حصرا على الأغنياء فقط ! سبحان الرزاق

فعادت على استحياء واحتوته بين يديها ووضعته في حجرها حتى لا ترجع خالية الوفاض فتشمت بها النساء وتعود مکسورة الخاطر.

فإذا بالقمر بين يديها ؟ تعلقت مقلتاها بوجه المشرق فنسيت كل ألم ألم بها وكستها هيبة لا تعرف من أين أتها وكأنه على صغر ذراعيه وكفيه احتضنها واحتواها حتى اطمائث وسكنت.

هي والقمر ؟ لاحت ابتسامة خفيفة على شفتيه الطاهرتين ببراءة فملكت فؤادها وسكن صغيرها الذي مزقه أيضا بجوارها أواه! يا یا رسول الله أي ظهر وجمال ونقاء ونور خلقت منه ؟!

اشتقنا يا رسول الله ! رزق وفير ولبن طيب مطیب رزقه الحبيب فرضع عليه السلام بكا حتى ارتوى ونامت عيناه الشريفتان بعد أن لامس وجهها بكقه الصغيرة ، ورضع صغيرها الذي توقف الآن فقط عن قرصة الجوع!

فنام کالاها واشبعت و زوجها بجوارها وها في ذهول أليس جميلا ؟ بلى هو جميل أنظر ابتسامته ؟ ما أحلاها ؟ هل شممت رائحته ؟ نعم المسك مسحت بكقها على وجهه ويا له من شرف!

ووضعت إصبعها في كقه الصغيرة فقبض عليها بحنان قربت وجهها من وجهه ولامست أنقه بأنفها وتنفست الظهر بعد أن جال بصدره، ويا له من شرف ويا لها من بركة رائحته حلوة كحلاوة روحه.

ونقيه صلى الله عليه وسلم وهو رضيع فقام إليها وهو ثم حانت من زوجها التفاتة إلى ناقتها المسئة العجفاء فإذا ضرعاها حافلان ممتلئان باللبن حليمة !! أترين ما أراه !! دهشا لا يصدق عينيه حلب لبنها وشرب وحلب لحبيبته ” حليمة ” فشربت معه حتى امتلأ كلاهما رضا وريا وشبعا وباتا في خير ليلة.

فلما أصبحا وأشرق وجه الحبيب صلى الله عليه وسلم عليها تأملا نور وجهه الشريف وهو يطالعها ببراءة وعلى شفتيه الطاهرتين ابتسامة حانية مال زوجها عليها وهمس قائلا: ” أتدرين يا ” حليمة ” أنك ظفرت بطفل مبارك؟

فقالت وما زالت مقلتاها لا تفارق وجه الحبيب صلى الله عليه وسلم: ” إنه لكذلك وإني لأرجو منه خيرا كثيرا ” ثم خرجا من مكة على دابتيها الهزيلتين وحملت ” حليمة ” الحبيب واحتوته بيديها وقد بدأت تتعلق به وكأنه قطعة منها وإذا بالدابة سرع وتتقدم كل الدواب الأخرى والكل يتعجب.

وهي تضحك وزوجها يضحك ! يا الله ! أي كرم هذا وأي بركة حلت بنا وكيف لا تقع البركة على من يرحم يتيما لا أب له ؟ ! عادت لمنازلها في بلاد بني” سعد ” أشد البلاد قطا وجدبا وفقرا لكنها عادت بالحبيب!

كانت غنائها تغدو كل صباح فترعى ثم تعود في المساء فيحلبون منها ويشربون ويشبعون وما يحلب غيرهم قطرة حتى إن بني قومها كانوا يصرخون وينصحون عيانهم أن يتبعوا بالأغنام غناتها ليسرحوا حيث تسرح يأكلون من حيث تأكل.

ومر عامان حلت فيهما السعادة والبركة على زوجة صالحة لأنها رحمت يتيما مباركا فاحتضنته وأرضعته وأحسنت إليه بعد أن شجعها زوجها ونصحها فرحاه معا فرحمها الله.

وهكذا ستحل السعادة والبركة عليك إن رحمتي يوما يتيما في بيتك تطعمينه مما يطعم صغارك وتلبسينه مما يلبسون وتضحكينه كما يضحكون أو ربما أنت من هؤلاء اللاتي لم يكتب الله له برحمته.

الإنجاب وهو ابتلاء عظيم لن ندرك حكمته لأننا لا نرى بأعيننا ” لطف الله الخفي ” حيث لا نملك أن نرى ما يراه سبحانه لكنك تملكين احتواء يتيم أو يتيمة فكما أن الأمومة عطاء من الأم فهي حلوة ولها لذة أخرى عند إحتواء يتيم  الة عطاء ورقة قلب ذاقتها حلية في قلبها عندما كانت هي والقمر كوني مثلها كوني مثل ” حليمة “

Shahd Bali

كاتبة ومحررة في موقع عالمك العربي، متخصصة في كتابة المقالات التثقيفية والتوعوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى