الحب الذي يباغتنا في منتصف طريق العمر كقاطع طريق. والشوق الذي يعصف بنا في منتصف ليالي الفراق. يرعبنا والفراق الذي ينزل علينا كصاعقة سماوية.
يرعبنا فأجبني كيف جئت في هذا الوقت المرهق من العمر؟
كيف تسللت الي هذا القلب المنهك من الدنيا؟
ألست أخي الذي لم تلده أمي؟ ألست أختك التي لم ترضعها أمك؟
ألم تردد مواويل الأخوة بمناسبة ومن غير مناسبة؟
ألم نحرص على الحديث عن إخوتنا في كل مجالس الحديث؟
ألم أحدثك عنه بحب وشوق ولهفة ؟ وتحدثني عنها بألم وحزن وانكسار؟
ألم أخبرك أني لن أعشق يوما سواه, ورددت على أنك لن تقترب يوما من سواها, فمن ذا الذي أذاب جليد الفطرة بيني وبينك, ووشم جبين الأخوة بعار عاطفة غير مرغوبة, وهل كان يتحتم أن تلد أمی کی لا أقع في حبك؟ أن ترضعك مرضعتي كي لا أحلم بك حلم هل كان المرأة بالرجل؟ هل كان يتحتم أن تشبه بیاناتي الرسمية بياناتك الرسمية كي لا أتورط في عاطفة مرفوضة عقليا وأنسانية, وضميريا ؟
هل كان يتحتم علي أن أنمو معك وألعب معك وأدرس معاك وألهو معك وأكبر معك حتى تصنع الفطرة بيني وبينك حاجزاً فطرياً وإحساساً أخوياً هل كان يتحتم علي أن أتحول إلى امرأة من عجين كي لايصل صوت قلبك إلي أم أتحول إلى قطعة حجر كي لا أنصهر خجلا أمامك ؟
وأرفض نفسي فيا أخي الذي لم تلده أمي, أتراني أحببتك ؟ جريمة بشعة ارتكبها قلبي في حق أخوتي لك وحق اخوتك لي إني أبغض نفسي الآن كثيرة الآن كثيرا وأستصغر نفسي الآن كثيرة وأتساقط. أتساقط من عيني كثيراً كلما أغمضت عيني واستسلمت لخيال تجرني إليه عاطفتي فماذا يتوجب علي الآن أن أفعل بهذا الإحساس الذي لا أرغب في الاحتفاظ به؟ والذي أحمله في قلبي كطفل خطيئة ينمو ويكبر وكلما تضخم ازداد شعوري بالذنب والندم.
كأخي أنت.. فكيف فعلها قلبي المجنون وأسقطني من أجندة النضج؟ وأنثى جريحة في صحراء العمر أنا وأخشى أن يفعلها قلبك فيسقطك من عينيك كما أسقطني قلبي, لنبتعد إذن. لنتفنن في الهروب حيث لاعودة ولا وصل ولالقاء لنتجنب هذا الجنون الذي لا طاقة لعقولنا به لنتجنب هذا الطيش الذي لا طاقة لنضجنا في هذا العمر به لنتجنب هذا السقوط الذي لا طاقة لقامتنا به لنتجنب هذا الانجراف الذي لاذنب لسوانا به فالفطرة أقوى من:الحضارة، والوقت، والظروف، والعقل، والنضج، والقيم، والأخلاق، والمبادىء، والعلم، والشهادات، والمناصب، والألقاب، والتقاليد، والعادات، والصفات، والمسميات.
