ثقافة عامة

ولأن أغلب حالات العودة تكون بعد الأوان فليتهم لا يعودون

ولأن أغلب حالات العودة تكون بعد الأوان فليتهم لا يعودون

 لازلنا نردد ونغني وراء العصر القديم بين أنفسنا حين نخذل من أحدهم وحين يكون الخذلان أكبر من فتح الأبواب المغلقة بيننا وبينهم فما أغباهم حين يظنون أن الثقة المكسورة قد تتجدد بوعد ملون منهم.

وأن كلمة منهم قد تعيدنا إلى أول الحكاية إلى العمر الأخضر الذي أشعلو فيه محرقة كبرى أو إلى الطريق الذي تركوا فيه أيادينا تحت الريح والبرد والمطر ومضوا دون أن ينظروا خلفهم.

فمنذ سنوات بعيدة جداً وفي زمن كانت فيه الأشياء بالأبيض والأسود إلا الأحلام كانت هناك أنثى جميلة كان لون عمرها أخضر ولون حلمها أخضر ولون قلبها أخضر والقلوب الخضراء حين تحب تتعلق بعمق وتصدق بعمق وتثق بعمق.

هي كانت انثى من زمن ( الطيبين ) الذين لم يغادروا الزمن رغم أن زمنهم الطيب قد غادرهم إنهم الغرباء المختفون في زاويا الأمكنة يراقبون انهيار تفاصيل زمن عشقوا تفاصيله وفي ذلك الزمن الابيض أحبّته.

وضعت فيه من الاحلام الكثير واغمضت عينها في حكايته بأمان ظناً منها أن صفحات الحكاية تحتفظ بألوانها الجميلة حتى الصفحه الاخيره لكن الفارس كان أضعف من الاحتفاظ بانثى يحبها فكانت هي اول ماأٌُلقي من سفينته حين هاجت أمواج العادات عليه.

فتخلى عنها وخرج من حكايتها مودعاً فالحب لا يمنحنا دائما القوة الكافية للحفاظ على احلامنا فمضى هو إلى نصيبه وإلى إمراة من اختيار اهله و إلى منزل أسس على أشياء كثيرة إلا الحب.

ومضت هي إلى غرفتها وإلى وسادة سفكت عليها من الدمع ما سفكت وبعد أن مرت أجمل سنوات العمر وبعد أن أخذت منها الايام ما أخذت وبعد ان غادرت زوجته الحياة وبعد ان كبر هو بين ابنائه واحفاده.

وبعد ان كبرت هي خلف جدران غرفتها وحيدة عاد ليطرق أبوابها طالب الزواج بها بعد ما اذا جاء يطرق الباب بعد ان ماتت كل الاحلام خلف الباب وبعد ذبل كل الورود خلف الباب.

وبعد ان بهتت كل الالوان خلف الباب وبعد ان جفت كل الينابيع خلف الباب بعد ان وهنت كل التفاصيل القويه خلف الباب بعدما ماذا جاء يطرق الباب بعد ان مر أجمل العمر بعد ان توقفت امطار الفرح.

بعد ان اختفت اضواء الطريق كثيراً بعد ان وهن النور في عينيها وابحرت سفن الأمنيات بعيداً بعد ان رحل كبار قومه واصبح حراً لكن هناك مرحله من العمر لا يكون للحريه فيها قيمه ولا اهميه!

ماذا كان ينتظر ان تفتح له انثى في ربيع العمر قلبها اخضر وحلمها اخضر وفرحتها خضراء فتمد له يدها وتتجول معه على طرقات حلمهما القديم وتتراقص امامه فرحا بعودته تحدثه عن سنوات انتظارها ومعاناتها وعذابها.

لكنها لم تفعل اغلقت ابوابها في وجه حلم قديم لم يعد عالمها يتسع له فمنذ خذلانه لها لم يعد هو العصا الآمنة لاكمال طريق العمر ولم يعد هو القارب الأجمل للابحار في بحور الحياة.

فسنوات الانتظار تشعل في العمر من نيران ما يكفي لتحويل كل البساتين الخضراء إلى رماد عفواً أنهم يملكون القدره على العوده لكنهم لا يملكون قدره إعاده الزمن والتفاصيل السابقه لهذا تبقى عودتهم إلينا ناقصة الفرح ولهذا في أغلب الحالات حين يعودون لا نعود نحن.

Shahd Bali

كاتبة ومحررة في موقع عالمك العربي، متخصصة في كتابة المقالات التثقيفية والتوعوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى