ثقافة عامة

منازلهم لاتشبه أكواخ الورد التي نسكنها في حياتنا الدافئة

منازلهم لاتشبه أكواخ الورد التي نسكنها في حياتنا الدافئة

 ياصاحب الذكرى البعيدة ..
 يا من كنت يوما أقرب إلي من ظلي وحين خيم ظلام الوقت على حكايتنا اختفيت تماما كما يختفي في الظلام ظلي وبقيت في منتصف الطريق وحدي, يرعبني أن أعود بعد هذه المسافة إلى أول الطريق ويرعبني أن أكمل بعد هذا العمر الطريق وحدي ويخيفني كثيرا أن أخرج من حكايتك بعد أن أقمت بها سنوات طويلة وأمست الحكاية لي مع الوقت كالوطن الأمن ، الذي يرعبني أن أغادره فأكتشف أن العالم خارج الحكاية لا يشبهني فمنازلهم لا تشبه كوخ الورد الذي بنيته لي ومجوهراتهم لا تشبه عقد الياسمين الذي زينت به عنقي ولا طرقاتهم الصامتة مليئة بأحاديث العصافير كطريقي إليك .. يا الله كم كان الطريق إليك مفرح كأن السعادة قد خُبأت لي کالهدايا في زواياه فلم تمرني في العمر فرحة تشبه فرحة الطريق إليك ففي…

وأخفينك في ركن أحلامي المظلم ، وهجرت زواياهم كي أقيم الطريق إليك كنت أطير بأجنحة ليست من ریش وأغني أغنيات من فرح لا تعرف طعم الرحيل ، وكأني أسابق في الطريق إليك كل ( الطبيعة الأرض والأشجار والجبال والرياح ) وكانت فكرة الرحيل كالواقع الموحش الذي أفر منه  لكنك رحلت
فكُسرت الأجنحة
وتوقفت الأغنيات
 وهزمتني الطبيعة
 ووهنت أنا كثيرا

 وأصبحت أنت مع الوقت من ممنوعات الحياة. وأصبح الاقتراب منك مخالفة اجتماعية كبری وكأنك السر الغامض في صندوق محظور فتحه فمنذ أن غادرت حكايتك وأنا أعتبرك كالغرفة المغلقة في قصر الساحرة الشريرة التي منحتني حق التجوال في كل الغرف إلا غرفتك ولأنني أتشی ممتلئة بالفضول فأنا خالفت وصايا الساحرة واقتربت منك. اقتربت منك كثيرا. اقتربت حد العشق ، وأحببتك بعد الرحيل أكثر في زاوية الحلم معك.

فحلمت أن أسكن معك بكوخ من الورد ..
رغم يقيني أن رفاهية الحياة لن تتوفر في كوخ الورد لكنك كنت رفاهيتي وكان وجودك معي إسراف في الفرح وحلمت أن أسير معك تحت المطر ، بلا مظلات واقية  فالتبلل تحت المطر بصحبتك كان طفولة لا تتكرر إلا معك وحلمت أن أسير معك على شاطىء البحر بأقدام حافية ، وان تسبق طائرتي الورقية طائرتك وتتعثر أقدامنا فوق رمال البحر بشقاوة أطفال يقف العمر الأخضر أمامهم. وحلمت أن ترسو سفينة نوح على بحر مدينتي . فتنتفيني حين ينتقي العشاق أنصافهم الأخرى ونبدأ الحياة بعد الطوفان من جديد, وحلمت أن أعود معك إلى الصفحة الأولى من عمري وعمرك.

فأكون إحساسك الأول ، وتكون بدايتي الآمنة ..
 وحلمت أن أتسلل بك إلى واقعي، إلى أوراقي الرسمية، إلى الطرقات المرصوفة خارج الورق، إلى الأماكن المشيدة على الأرض لكنك بقيت مجموعة من الأحلام المؤجلة. أجلتها إلى (غد) أشد رحمة من يومهم، (غد) تكون نوافذ الأحلام فيه أكبر(غد) يفتح قلبه وصدره لعشاق الحكايات المستحيلة اجتماعيا وصدقتهم أن(غدا لناظره قريب) لكن الأيام توالت..ونقصت أوراقها كثيرا، والغد الذي قالوا أنه (لناظره قريب) لم يأت.. ولم يقترب!

Shahd Bali

كاتبة ومحررة في موقع عالمك العربي، متخصصة في كتابة المقالات التثقيفية والتوعوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى