ثقافة عامة

أمزاجة الناس تتقلب بين الفرح والحزن ونحن نتعامل مع القلوب لا مع الأبدان

أمزاجة الناس تتقلب بين الفرح والحزن ونحن نتعامل مع القلوب لا مع الأبدان

تتقلب أمزجة الناس في حياتهم بين حزن وفرح وصحة ومرض وغني وفقر واستقرار واضطراب وبالتالي يتنوع تقبلهم لبعض الأنواع من التعاملات أو ردهم لها بحسب حالتهم الشعورية وقت التعامل فقد يقبل منك النكتة والطرفة ويتقبل المزاح في وقت استقراره وراحة باله لكنه لا يتقبل ذلك في وقت حزنه، فمن غير المناسب أن تطلق ضحكة مدوية في عزاء.!!

لكنها تحتمل منك في نزهة برية وهذا أمر مقرر عند جميع العقلاء وليس هو المقصود بحديثي هنا إنما المقصود هو مراعاة النفسيات والمشاعر الشخصية عند الحديث مع الناس أو التصرف معهم فرص أن امرأة طلقها زوجها وليس لها أب ولا أم قد ماتا وجعلت تجمع أغراضها لتعيش مع أخيها وزوجته فبينما هي كذلك إذ دخلت عليها جارتها في الضحی زائرة فرحبت المطلقة بها ووضعت لها القهوة والشاي.

فجعلت الزائرة تبحث عن أحاديث لتؤانسها فسألتها المطلقة بالأمس رأيتكم خارجين من المنزل فقالت الجارة: إي والله أبو فلان أصر على أن نتعشى خارج البيت فذهبت معه ثم مر السوق واشترى لي فستانا لعرس أختي ثم وقف عند محل ذهب ونزل واشترى لي سوارا ألبسه في العرس ولما رجعنا إلى البيت رأي الأولاد في ملل فوعدهم آخر الأسبوع أن يسافر بهم و المطلقة المسكينة تستمع إلى ذلك وتتخيل حالها بعد قليل في بيت زوجة أخيها!!

السؤال : هل يناسب إثارة هذا النوع من الأحاديث مع امرأة فشلت في مشروع الزواج!! هل تظن أن هذا المطلقة ستزداد محبة لهذه الجارة ؟ ورغبة في مجالستها دائما ؟ وفرحا بزيارتها لها ؟ نتفق جميعا على جواب واحد نصرخ به قائلين: لا بل سيمتلئ قلبها حقدا وقهرا إذن ما الحل ؟ هل تكذب عليها ؟ لا ولكن تتكلم باختصار كأن تقول: والله كان عندنا بعض الأشغال قضيناها ثم تصرف الكلام إلى موضوع آخر تصبرها به علی کربها أو فرض أن صديقين اختبرا هماية المرحلة الثانوية فنجح أحدهما وتخرج بتفوق والثاني رسب في عدد من المواد.

أو تخرج بنسبة ضعيفة لا تؤهله للقبول في شيء من الجامعات فهل ترى من المناسب عندها يزور المتفوق صاحبه أن يسهب في الحديث حول الجامعات التي تم قبوله فيها والميزات التي ستمنح له؟ قطعا جوابنا جميعا: لا إذن ما الحل؟ الحل أن يذكر له عموميات يخفف کا عنه كأن يشتكي من كثرة الزحام في الجامعات وقلة القبول وخوف كثير من المتقدمين إليها من عدم القبول حتى يخفف عن صاحبه مصابه فيرغب عند ذلك في مجالسته أكثر ويحبه ويأنس بقربه ويشعر أنه قريب من قلبه وقل مثل ذلك لو القي شابان أحدهما أبوه كريم يغدق عليه الأموال والآخر أبوه بمخيل لا يكاد يعطيه ما يكفيه.

فمن غير المناسب أن يتحدث ابن الكريم ياغداق أبيه عليه وكثرة المال لديه و لأن هذا النوع من الكلام يضيق به صدر صديقه  ويذكره بمأساته مع أبيه ويستثقل الجلوس مع هذا الصديق ويشعر بعده عته في فمه لذلك نبه النبي ( صلى الله عليه و سلم ) إلى مراعاة مشاعر الآخرين ونفسياهم فقال: لا تطيلوا النظر إلى المجذوم والمجذوم هو المصاب بمرض ظاهر في جلده قد جعله مشوها في منظره فمن غير المناسب أنه إذا مر يقوم أن يطيلوا النظر إلى جلده.

لأن هذا يذكره بمصيبته فيحزن وفي موقف غاية في المرا اللطف يتعامل ( صلى الله عليه و سلم ) مع والد ابي بكر ( رضي الله عنهما ) فيانه ( صلى الله عليه و سلم لما أقبل بجيوش المسلمين إلى مكة لفتحها قال أبو قحافة أبو أبي بکر ( رضي الله عنهما ) وكان شيخا كبيرة أعمى قال لابنة له من أصغر ولده: أي بنية اظهري في على جبل أبي قبيس لأنظر صدق ما يقولون هل جاء محمد ؟ فأشرفت به ابنته فوق الجبل فقال: أي بنية ماذا ترين؟

قالت: أرى سواد مجتمع مقبلا قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلا يسعي بين يدي ذلك السواد مقبلا ومدبرة قال : أي بنية ذلك الوازع الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ثم قالت: قد والله يا أبت انتشر السواد فقال : قد والله إذا دفعت الخيل ووصلت مكة فأسرعي في إلى بيتي فاهم يقولون من دخل داره فهو آمن فانحطت الفتاة به عة من الجبل فتلقته خيل المسلمين قبل أن يصل إلى بيته فأقبل أبو بكر إليه.

فاحشی به مرحبا ثم أخذ بيده يقوده حتى أتي به رسول الله  صلى الله عليه و سلم في المسجد فلما رآه رسول الله ( صلى الله عليه و سلم )  فإذا شيخ كبير قد ضعف جسمه ورق عظمه واقتربت منيته وإذا أبو بكر رضي الله عنه ينظر إلى أبيه وقد فارقه منذ سنين وانشغل عنه بخدمة هذا الدين التفت إلى أبي بكر رصيا فقال مطية لنفسه ومبينا قدره الرفيع عنده:

هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟ كان أبو بكر يعلم أهم في حرب قائدهم رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) وأن وقته أضيق وأشعاله أكثر من أن يتفرغ للذهاب لبيت شيخ يدعوه للإسلام فقال أبو بكر شاكر: یا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك  من أن تمشي أنت إليه فأجلس النبي عليه الصلاة والسلام أبا قحافة بين يديه بكل لطف وحنان مسح على صدره.

ثم قال: أسلم فأشرق وجه أبي قحافة وقال: أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. انتفض أبو بكر منتشيا مسرورا.. لم تسعه الدنيا فرحة تأمل النبي ( صلى الله عليه و سلم في وجه الشيخ .. فإذا الشيب يكسوه بياضا .. فقال ( صلى الله عليه و سلم ): غيروا هذا من شعره ولا تفريوه سوادا نعم كان يراعي النفسيات في تعامله بل إنه ( صلى الله عليه و سلم لما دخل مكة قسم جيشه إلى كتائب وأعطى راية إحدى الكتائب إلى الصحابي البطل سعد بن عبادة رضي الله عنه )

كانت الراية مفخرة لمن يحملها ليس له فقط بل له ولقومه جعل سعد ينظر إلى مكة وسكانها فإذا هم الذين حاربوا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) وضيقوا عليه وعدوا عنه الناس وإذا هم الذين قتلوا سمية وياسر وعذبوا بلا وخبايا كانوا يستحقون التأديب فعلا فر سعد الرابية وهو يقول : اليوم يوم الملحمة ** اليوم تستحل الحرمة سمعته قريش فشق ذلك عليهم وكير في أنفسهم وخافوا أن يفنيهم بقتالهم فعارضت امرأة رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) وهو يسير فشكت إليه خوفهم من سعد وقالت :

هز سعد الرابية وهو يقول: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة سمعته قريش فشق ذلك عليهم وكبر في أنفسهم  وخافوا أن يفنيهم بقتالهم فعارضت امرأة رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) وهو يسير فشكت إليه خوفهم من سعد وقالت: یا نبي الهدى إليك لجائي قريش ولات حين لجاء حين ضاقت عليهم سعة الأرض وعاداهم إله السماء إن سعدا قاسمة الظهر بأهل الحجون و البطحاء خزرجي لو يستطيع من الغيظ رمانا بالنسر والعواء فانفينه إنه الأسد الأسود والليث والغ في الدماء فلئن أقحم اللواء ونادى يا حماة اللواء أهل اللواء لتكونن بالبطاح قريش بقعة القاع في أكف الإماء إنه مصلت يريد لها القتل صموت كالحية الصماء فلما سمع رسول الله.

( صلى الله عليه و سلم ) هذا الشعر دخله رحمة ورأفة بهم وأحب ألا يخيبها إذ رغبت إليه وأحب ألا يغضب سعد بأخذ الراية منه بعد أن شرفه بها  فأمر سعد  فناول الراية لابنه قيس بن سعد فدخل بها مكة وأبوه سعد يمشي بجانبه فرضيت المرأة و قریش لما رأت يد سعد خالية من الراية ولم يغضب سعد لأنه بقي قائد لكنه أريح من عناء حمل الراية وحملها عنه ابنه فما أجمل أن نصيد عدة عصافير بحجر واحد حاول أن لا تفقد أحد كن ناجحا واكسب الجميع وإن تعارضت مطالبهم.

Shahd Bali

كاتبة ومحررة في موقع عالمك العربي، متخصصة في كتابة المقالات التثقيفية والتوعوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى